أطب مطعمك
آثار الكسب الطيب
فأولا: آثار الكسب الطيب ما ذكر في هذا الحديث أن من كان كسبه حلالا ومطعمه حلالا فإن دعوته تكون مستجابة؛ إذا دعا الله تعالى أجاب دعوته، وأعطاه طلبته؛ وذلك لأنه تغذى بما هو غذاء حلال لا شبهة فيه، وقد دل على ذلك أيضا الحديث المشهور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا قرآن> رسم> وقال تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ قرآن> رسم> ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ متن_ح> رسم> .
ننظر في هذا الحديث أخبر بأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا أي لا يقبل من الأعمال إلا طيبا، ولا يقبل من الكسب إلا طيبا، ولا يقبل من الصدقات ويثيب عليه إلا الكسب الطيب والمال الطيب، وأخبر بأن الله تعالى أمر المؤمنين بالطيبات: رسم> كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ قرآن> رسم> معنى ذلك اقتصروا على الطيبات فكلوا منها ولا تأكلوا الخبائث.
وكذلك أمر المرسلين: رسم> كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا قرآن> رسم> مع أن المرسلين إنما هم الذين يعلمون الأمة ما هو طيب وما ليس بطيب، فإذا كان كذلك فإن علينا أن نحرص على الكسب الطيب، ونبتعد عن الكسب الخبيث، وقد كثرت الأدلة على ذلك مثل قول الله تعالى: رسم> وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ قرآن> رسم> فالطيبات هي ما أباحه الله تعالى من المكاسب، والخبائث ما فيه خبث حسي أو خبث معنوي، فالطيبات حلال والخبائث حرام.
وكذلك قول الله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ قرآن> رسم> فالطيبات هاهنا يعم ما كان طيبا من حيث مكسبه، وما كان طيبا من حيث مظهره.
وكذلك الخبائث ظاهرا والخبائث باطنا، كذلك ورد أن أن الله تعالى أنكر على اليهود في القرآن أنكر عليهم الأخذ من الحرام يقول الله تعالى: رسم> وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ قرآن> رسم> فجعل هذا من العيوب التي يعابون بها، وذلك دليل على أنهم كفروا بذلك، أو ضلوا وفسقوا بذلك لما أخذوا الربا وتعاملوا به، وكذلك لما أكلوا أموال الناس بالباطل يعني أخذوها ظلما فكان هذا تحذيرا لهذه الأمة أن يفعلوا كفعلهم كما قال عمر اسم> رضي الله عنه: مضى القوم ولم يعن به سواكم أي: أن هذا تحذير لكم أن تفعلوا كفعلهم.
كذلك أيضا ورد أن الله تعالى عاب الذين يأكلون السحت فوصف اليهود بقوله: رسم> سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ قرآن> رسم> السحت هو الحرام بأي نوع كان من أنواع الحرام، وهكذا قال تعالى: رسم> وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ قرآن> رسم> السحت هو الحرام كل شيء من المحرم فإنه داخل في السحت فالذين يأكلون السحت داخلون في هذا الوعيد، أو داخلون في هذا الوصف.
نعود إلى الحديث الأول فنقول: رسم> إن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين متن_ح> رسم> أمرهم جميعا بأن يأكلوا من الطيبات، وأن يقتصروا عليها.
مسألة>